ينهض الإنسان بأخلاقه الحميدة وبالأخلاق يحيا المجتمع ويُصبح مجتمعًا صالحًا لأنّها أساس صلاحه والقوام الذي ترتكز عليه، ويلتفت أبناؤه إلى البناء والعمل والتطوير بدلًا من الالتفات إلى التشاحن والتباغض فمجرّد أن يكون أبناء المجتمع أصحاب خلقٍ فاضل تختفي المشاكل العادية من المجتمع، ويُصبح مجتمعًا فاضلًا يحمل رسالةً ساميةً، ويتمنى الجميع أن يكون مثله، يقول أحد الشعراء: والمرءُ بالأخلاقِ يسمو ذكْرهُ
ويقول الفيلسوف ملهم: الاخلاق ليست في الدين أو التقاليد أو الأعراف الاخلاق تنبع من الداخل وتجمل من صاحبها وتطبيق القوانين هي أيضا اخلاق.
والأخلاق بصفة عامة هي أوصاف الإنسان التي يتصرف بها مع غيره، وقد تكون حقيقية أو مزيفة فحين يتصنع المرء ضمنيا لا تعود تلك الأوصاف تمثل ما يحمله الشخص في داخله على حقيقته، كما أن الأخلاق ليست أقوالا فحسب بقدر ما هي تطبيق عملي يتجسد في تصرفات الفرد التي تحتمل الصدق والتصنع، والمواقف الحياتية وحدها من تمكننا من أن نتأكد الأخلاق الحميدة الفاضلة سببٌ في أن ينهض الإنسان بنفسه ومجتمعه، وهي أيضًا سببٌ في تحقيق رفعة الإنسان وقبوله بين الناس، فالشخص صاحب الخلق الطيب ينال محبة الآخرين ويعتبرونه قدوةً لهم، ويسعون إلى التقرب منه لأنّهم يستأمنون أنفسهم وأموالهم معه، ولا يخافون منه غدرًا، ويثقون بأقواله وأفعاله، وهذا كلّه يُسهم في تحسين العلاقات بين الناس ونشر المحبة والتكافل والتعاطف.
الأصل في الأخلاق أن تكون أخلاقًا فاضلةً سائدةً في المجتمع، ويتعلمها الجميع من بعضهم بعضًا، فالمجتمع الذي يكثر فيه الأشخاص أصحاب الأخلاق الفاضلة يسوده الخير، وتسوده كلّ الصفات الحميدة التي ينبغي أن تكون في الأشخاص، خاصةَ أنّ الأخلاق تنتقل كالعدوى، ويتعلّم الناس من بعضهم بعضًا الكثير من الأخلاق المكتسبة مثل: الصدق والأمانة والوفاء. في الوقت نفسه يتأثّر الناس بالصفات والأخلاق السيئة، وقد يقلّدونها حتى تصبح من الطباع الملتصقة بهم مثل: السرقة والخيانة والكذب والقذف والشتم، لهذا يتم إصلاح المجتمع ونشر الأخلاق الفاضلة فيه بإصلاح الفرد أولًا وتنمية مكارم الأخلاق في نفسه، حتّى ينشرها ويُؤثر بالمجتمع.
الأصل في الإنسان هو الخلق الحسن الطيّب الذي يضمّ جميع الفضائل، لكنّ ما إن يبدأ الطفل يكبر بالعمر حتى تُصبح لديه الأخلاق المكتسبة من البيئة المحيطة والأهل والأصدقاء، وربّما تتلوث فطرته السليمة ويكتسب أخلاقًا سيئةً بسبب سوء التربية وأصدقاء السوء، وربما حافظَ على فطرته السليمة إذا نشأ في بيئة صالحة تحثه على الخير وتُعلّمه مكارم الأخلاق، لذلك نحن بدورنا يجب أن نحافظ على أخلاقنا لأننا قد نؤثر على المحيط بنا وأحب أن اختم الدين لا يعني الاخلاق بل الاخلاق تعني الدين.
تنويه: يعبِّر هذا المقال عن رأي كاتبه فقط، ولا يعبِّر بالضرورة عن رأي موقع هوز.
المزيد من مدونة الناس
أهمية اختيار الوقت المناسب
صراع النخبة.. مقتل التغيير والربيع العربي
رحلة الشباب في شمال غربي سوريا نحو الاستقلال المهني
مكاسب سريعة ولكنها قاتلة